فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



(الفخار) الطين المطبوخ بالنار وهو الخزف.
{الْجَانَّ} أبو الجن وأل فيه للجنس.
{مارِجٍ} المارج: اللهب الصافي الذي لا دخان فيه وقيل هو المختلط بسواد النار من مرج الشيء إذا اضطرب واختلط.
{مَرَجَ} خلط ومعنى مرج البحرين خلط البحرين العذب والملح في مرأى العين ومع ذلك لا يتجاوز أحدهما على الآخر، وأصل المرج الإهمال كما تمرج الدابة في المرعى، وفي المصباح: المرج أرض ذات نبات ومرعى والجمع مروج مثل فلس وفلوس ومرجت الدابة تمرج مرجا من باب قتل رعت في المرج ومرجتها مرجا أرسلتها ترعى في المرج يتعدى ولا يتعدى.
{بَرْزَخٌ} البرزخ الحاجز بين الشيئين وجمعه برازخ.
{اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} الدرّ والمرجان: هذا الخرز الأحمر، وقال القاضي أبو يعلى: أنه ضرب من اللؤلؤ كالقضبان والمرجان اسم أعجمي معرب. وقال ابن دريد: لم أسمع فيه نقل متصرف. وقال الأعشى:
من كل مرجانة في البحر ** أحرزها تيارها ووقاها طينها الصدف

وقيل عروق حمر تطلع من البحر كأصابع الكف.
{الجواري} السفن وهي جمع جارية قال الترمذي فالفلك أولا ثم السفينة ثم الجارية سمّيت بذلك لأنها تجري في الماء.
{كَالْأَعْلامِ} الأعلام: جمع علم وهو الجبل قالت الخنساء:
وإن صخرا لتأتم الهداة به ** كأنه علم في رأسه نار

.الإعراب:

{خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ} كلام مستأنف مسوق للتوبيخ على إخلالهم بواجب شكر المنعم على إنعامه، و{خلق} فعل ماض وفاعله مستتر يعود على اللّه تعالى و{الإنسان} مفعول به و{من صلصال} متعلقان بخلق و{كالفخار} صفة لصلصال.
{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ} عطف على ما تقدم و{من مارج} متعلقان بخلق ومن لابتداء الغاية و{من نار} صفة لمارج و{من} للبيان أو للتبعيض.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} {رب المشرقين} خبر لمبتدأ محذوف أي هو رب المشرقين و{رب المغربين} عطف عليه والمراد مشرق الصيف ومشرق الشتاء ومغرب الصيف ومغرب الشتاء وقيل المراد بالمشرقين مشرق الشمس والقمر وبالمغربين مغرب الشمس والقمر، بيّن سبحانه قدرته على تصريف الشمس والقمر ومن قدر على ذلك قدر على كل شيء وقيل هو مبتدأ خبره جملة {مرج البحرين} والأول أولى.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ} {مرج البحرين} فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به وجملة {يلتقيان} في محل نصب على الحال وهي قريبة من الحال المقدّرة ويجوز أن تكون مقارنة.
{بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ} الظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم و{برزخ} مبتدأ مؤخر و{لا} نافية و{يبغيان} فعل مضارع مرفوع والجملة صفة لبرزخ والجملة كلها مستأنفة أو حال من الضمير في {يلتقيان} ومعنى {لا يبغيان} لا يتجاوز كلّ منهما حدوده فالعذب منفرد بعذوبته والملح منفرد بملوحته.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ} الجملة مستأنفة أو حال ثانية من الضمير في {يلتقيان} و{منهما} متعلقان بيخرج و{اللؤلؤ} فاعل {يخرج} {والمرجان} عطف على {اللؤلؤ}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ} الواو استئنافية و{له} خبر مقدم و{الجوار} مبتدأ مؤخر وحذفت الياء في الرسم لأنها من ياءات الزوائد و{المنشآت} نعت للجوار و{في البحر} متعلقان بالمنشئات و{كالأعلام} حال من {الجوار} أو من الضمير في {المنشآت} والمعنى واحد.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.
{كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} {كل} مبتدأ و{من} اسم موصول في محل جر بالإضافة لكل و{عليها} متعلقان بمحذوف لا محل له لأنه صلة الموصول و{فان} خبر {كل} وحذفت الياء لالتقاء الساكنين.
{وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} الواو عاطفة و{يبقى} فعل مضارع مرفوع و{وجه ربك} فاعله و{ذو الجلال} صفة لوجه {والإكرام} عطف على {الجلال}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابه.
{يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} كلام مستأنف للشروع في تعدّد آلاء أخرى من آلائه سبحانه ولك أن تجعل الجملة حالا من {وجه} والعامل فيه {يبقى} أي يبقى حال كونه مسئولا من أهل السموات والأرض. و{يسأله} فعل مضارع ومفعوله المقدّم السؤال محذوف فأهل السموات يسألونه المغفرة وأهل الأرض يسألونه المغفرة والرزق، و{كل يوم} ظرف متعلق بالاستقرار الذي تعلق به خبر {هو} و{هو} مبتدأ و{في شأن} خبر.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} تقدم إعرابها.

.البلاغة:

1- في قوله: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} فن الاتساع وقد تقدم القول فيه مفصلا، فقد أسند الخروج إلى اللؤلؤ والمرجان لأنه إذا أخرج ذلك فقد خرج وقال يخرج منهما ولم يقل من أحدهما لأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد ساغ أن يقول منهما وقد تقدم القول في مثله وهو قوله: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} وإنما أريد إحدى القريتين وكما تقول فلان من أهل ديار الشام وإنما بلده واحد منها.
2- وفي قوله: {وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام} تشبيه مرسل فقد شبّه السفن وهي تمخر عباب البحر رائحة جائية بالجبال، وقد استهوى هذا التشبيه الشعراء فاقتبسوه قال ابن الرومي:
أين فلك فيها وفلك إليها ** منشآت في البحر كالأعلام

3- وفي قوله: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} فن طريف وهو فن الافتنان، وحدّه أن يفتن المتكلم فيأتي في كلامه بفنين إما متضادين أو مختلفين أو متفقين، وقد جمع سبحانه بين التعزية والفخر إذ عزى جميع المخلوقات وتمدح بالانفراد بالبقاء بعد فناء الموجودات مع وصفه ذاته بعد انفراده بالبقاء بالجلال والإكرام، ومن أمثلته في الشعر الجمع بين الغزل والحماسة، والغزل لين ورقّة والحماسة شدّة وقوة، كقول أبي دلف أو عبد اللّه بن طاهر على اختلاف بين المؤرخين:
أحبك يا ظلوم وأنت عندي ** مكان الروح من جسد الجبان

ولو أني أقول مكان روحي ** خشيت عليك بادرة الطعان

فقد جمع بين الغزل والحماسة بأرشق عبارة وأبلغ إشارة، وقد بلغ عنترة فيه الذروة حين قال:
إن تغدفي دوني القناع فإنني ** طب يأخذ الفارس المستلئم

فقد وصف عبلة بستر وجهها دونه بالقناع حتى صار ما بين بصره ووجهها كالليل المغدف الذي يحول بين الأبصار والمبصرات، ثم قال:
إنني طب بأخذ الفارس المستلئم

أي إن تتبرقعي دوني فإني خبير لدريتي بالحرب بأخذ الفارس الذي سترته لأمته وحالت دوني ودون مقابلته، فأبرز الجدّ في صورة الهزل وجاء في بيته مع الافتنان التندير الطريف، والتعبير عن المعنى باللفظ الشريف.

.[الرحمن: الآيات 31- 45]:

{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (31) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (32) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (33) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (35) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (36) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (37) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (41) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (42) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (45)}.

.اللغة:

{سَنَفْرُغُ} قال الزجّاج: إن الفراغ في اللغة على ضربين أحدهما الفراغ من الشغل والآخر القصد للشيء والإقبال عليه كما هنا وهو تهديد ووعيد، تقول قد فرغت مما كنت فيه أي قد زال شغلي به وتقول سأفرغ لفلان أي سأجعله قصدي فهو على سبيل التمثيل، شبّه تدبيره تعالى أمر الآخرة من الأخذ في الجزاء وإيصال الثواب والعقاب إلى المكلفين بعد تدبيره تعالى لأمر الدنيا بالأمر والنهي والإماتة والإحياء والمنع والإعطاء، وأنه لا يشغله شأن عن شأن بحال من إذا كان في شغل يشغله عن شغل آخر إذا فرغ من ذلك الشغل شرع في آخر.
وقال الزمخشري: مستعار من قول الرجل لمن يتهدده: سأفرغ لك يريد سأتجرد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنك حتى لا يكون لي شغل سواه والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه، ويجوز أن يراد ستنتهي الدنيا وتبلغ آخرها وتنتهي عند ذلك شئون الخلق التي أرادها بقوله: كل يوم هو في شأن فلا يبقى إلا شأن واحد وهو جزاؤكم فجعل ذلك فراغا على طريق المثل.
ويتلخص مما تقدم أن الفراغ من صفات الأجسام التي تحلّها الأعراض وتشغلها عن الأضداد في تلك الحال ولذلك وجب أن يكون في صفة القديم تعالى مجازا.
{الثَّقَلانِ} أصله من الثقل وكل شيء له وزن وقدر فهو ثقل ومنه قيل لبيض النعامة ثقل قال:
فتذكرا ثقلا رتيدا بعد ما ألقت ذكاء يمينها في كافر.
وإنما سمّيت الإنس والجن ثقلين لعظم خطرهما وجلالة شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من الحيوانات ولثقل وزنهما بالعقل والتمييز ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي» سمّاهما ثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما، وقيل إن الجن والإنس سمّيا ثقلين لثقلهما على الأرض إحياء، ومنه قوله تعالى: {وأخرجت الأرض أثقالها} أي أخرجت ما فيها من الموتى، والعرب تجعل السيد الشجاع ثقلا على الأرض، قالت الخنساء:
أبعد ابن عمرو من آل الشريد ** حلّت به الأرض أثقالها

والمعنى أنه لما مات حلّ عنها ثقل بموته لسؤدده ومجده، وقيل إن المعنى: زينت موتاها من التحلية.
{أَقْطارِ} الأقطار جمع القطر وهو الناحية يقال طعنه فقطره إذا ألقاه على أحد قطريه وهما جانب اهـ.
{بِسُلْطانٍ} بقوة وقهر وغلبة.
{شُواظٌ} الشواظ بضم الشين وكسرها، قال أبو عبيدة: هو اللهب لا دخان فيه، وقال رؤبة:
إنّ لهم من حربنا إيقاظا ** ونار حرب تسعر الشواظا

{وَنُحاسٌ} النحاس: الدخان وأنشد للنابغة الجعدي:
تضيء كضوء سراج السلي ** ط لم يجعل اللّه فيه نحاسا

وقيل الصفر المذاب يصبّ على رؤوسهم.